متظاهرون يقدّمون للمحاكمة: احلال للقانون أم عقاب و انتقام؟


منذ عدّة أشهر تواترت حالات تقديم مدنيين للمحاكمة العسكريّة على خلفيّة أحداث عنف شهدتها بعض المظاهرات لعلّ أشهر هذه الأحداث وقائع القصبة 3.
و في كل مرّة يتبادل المتظاهرون من جهة ووزارة الدّاخليّة من جهة أخرى التّهم حول حقيقة الأحداث و خلفياتها.
أوّل استنتاج مؤسف يخرج به من يتابع هذه الأحداث هو الدّور السّلبي بل المعدوم للاعلام الكلاسيكي في تقديم مقاربات واضحة و في محاولة كشف خفايا ما يدور في ما يمكن تسميته “كواليس تحرّكات الشّارع”.
و لكن الأخطر, هو غياب تام لقضاء مستقل و لعدالة محايدة, في هذا الإطار لنا أن نطرح ثلاث أسئلة ملحّة:
1
- ماهي الضّمانات المتوفّرة اليوم لتوفير ضروف محاكمات عادلة؟
2- بأي حق ووفق أي معايير يقدّم مدنيون للمحاكمة العسكريّة؟
3- وهو ربّما السّؤال الأكثر جدليّة, هل هذه المحاكمات محاولة لاحلال النظام كما تدّعي وزارة الدّاخليّة أم هي بكل بساطة نوع من أنواع العقاب و الانتقام؟
ما دفعني لطرح هذه التّساؤلات اليوم و الآن, هي المحاكمة التّي ستشهدها مدينة سيدي بوزيد يوم الجمعة 16 سبتمبر 2011 (التّاسعة صباحا) لثلاث شبّان (سيف الاسلام هزلي, حمزة نصيبي, سفيان الحفاوي) على خلفيّة أحداث جويلية الفارط التّي راح ضحيّتها الصّبي (14 ربيعا) ثابت حجلاوي (متأثّرا بجراح أصيب بها اثر طلق ناري من الجبش).
الرّوايات تتضارب بين شهود العيان من جهة و المتظاهرين من جهة و قوّات الجيش من جهة أخرى في ظلّ غياب أي تغطية اعلاميّة موضوعيّة (كالعادة) و أي تحقيق جاد و مستقل (كالعادة أيضا)…
خطورة الوضع تكمن في اصرار شهود العيان و المشاركين في الأحداث على نفي التّهم المنسوبة للشبّان الثلاثة و يذهب البعض الى ادانة السّلطات بتدبير هذه المحاكمات كشكل من أشكال العقاب و كاجراء ردعي لأيّ تحرّكات احتجاجيّة ممكنة.
هذا وقد علمنا من مصادر موثوقة لنواة في مدينة سيدي بوزيد أنّ المدينة ستشهد غدا تحرّكات احتجاجيّة على هامش المحاكمة مع امكانيّة التّصعيد في حال تواصل ما يسمّونه “التّلفيق”. هذا وعلما أنّه تمّ في محاكمة سابقة في نفس الاطار اصدار أحكام بالسّجن لمدّة سنة و نصف مع التّجنيد القسري لمدّة سنة لأحد المّتهمين علما أنّه مرسّم باحدى مؤسسّات التّكوين المهني.
و في نفس السّياق,  وردت علينا معلومات تؤكّد أنّ ما حدث و يحدث في سيدي بوزيد ليس بحالة معزولة أو استثنائيّة فقد اكتشفنا أنّ تتبّعات مماثلة جرت و تجري في جهات أخرى من البلاد مثل ما حصل في الضاحية الشمالية من العاصمة التونسية و تحديدا بمدينة الكرم، حيث تمّ إيقاف كلّ من محمّد البوعزّي و سليم ساسي و زياد تراكي بعد إتّهامهم بإحراق مركز شرطة الكرم الغربي، و على نفس الخلفيّة تمّ إصدار بطاقات جلب في حقّ كلّ من محمّد تراكي و أحمد ذوادي و مهدي الدبغي و خميس الفرشيشي و فتحي (ولد عمر) و عماد دقيش و نبيل (ولد ملّاّ) علما أنّ إحراق مركز الشرطة وقع يوم 14 جانفي بينما يسرد محضر البحث وقائع وهميّة تزعم حصول الإحراق يوم 15 جانفي…
وقد تمكّنت نواة من ترتيب تغطية ميدانيّة للمحاكمة التي ستجري في سيدي بوزيد و نأمل أن نتمكّن من ايضاح الصّورة على ضوء ما سنجمعه من معلومات و شهادات

ليست هناك تعليقات: