راج على الشبكة الاجتماعية في اليوم الموالي لمحاولة الاعتصام بالقصبة 3، أن الشبان الذين ألقي عليهم القبض قد أحيلوا على الثكنات لأداء الخدمة العسكرية، وبقطع النظر عن مآل هذا الإجراء، فإن من شأنه أن ينال من سمو تلك الخدمة ومن الصورة الممتازة التي اكتسبتها المؤسسة العسكرية خلال الأيام الأولى للثورة، وخاصة لدى الفئات الشبابية، وقد ترجم ذلك في الإقبال المنقطع النظير على الخدمة العسكرية. وعلى أية حال فإن معاقبة الشبان بتجنيدهم ليس أمرا جديدا في تاريخ بلادنا، ولكن الجديد أنه يتم في عهد الثورة التي من المفترض أنها قطعت مع النظام الاستبدادي القديم. لقد سبق أن وقع اللجوء إلى هذه العقوبة عدة مرات في عهدي الرئيسين المخلوعين بورقيبة وبن علي. وقد يكون من الطريف أن تجنيد أول دفعة من الطلبة تمت عندما كان الباجي قايد السبسي يتولى وزارة الداخلية في الستينات (5 جويلية 1965-8 سبتمبر 1969) حيث تم تجنيد تسعة طلبة غداة الأحداث التي شهدتها الجامعة التونسية في منتصف ديسمبر 1966 . وبدا وكأن التجنيد الإجباري من ابتكاراته هو، مثلما أن العودة إلى عقوبة التجنيد الإجباري اليوم قد تلصق به هو أيضا. وبين ديسمبر 1966 وجويلية 2011 يقع تاريخ هذه العقوبة التي غدت تقليدا في التعامل مع الحركة الطلابية التونسية خاصة. وقد وقع تسليطها على الطلبة اليساريين ثم الطلبة الإسلاميين، ولعل أكبر عدد سلطت عليه هذه العقوبة كان في فيفري 1990 حيث تم خلال ليلة واحدة تجنيد 600 طالب من مختلف الأجزاء الجامعية من أعضاء وعناصر الاتجاه الإسلامي والاتحاد العام التونسي للطلبة، وتم نقلهم إلى رجيم معتوق وقرعة بوفليجة بالصحراء التونسية ونقل آخرون إلى جزيرة زمبرة الخالية من السكان.
إلا أن الدرس الذي يبدو أن الماسكين بالسلطة لم يستوعبوه رغم مرور 45 سنة على تاريخ هذه العقوبة التونسية، ورغم وقوع الثورة، أن هذه العقوبة لم تنجح أبدا حيث أنها لم تؤد إلى إقلاع الشبان المعاقبين عن أفكارهم ومواقفهم بل ما لوحظ أنهم ازدادوا تشبثا بها. وهذا ما يمكن تبينه من خلال أسماء الناشطين السياسيين والاجتماعيين إلى يوم الناس هذا من خميس الشماري وصالح الزغيدي اللذين كانا ضمن أول دفعة من الطلبة المجندين في شتاء 1966 إلى عدد كبير ممن يؤثثون اليوم المشهد الإعلامي والثقافي والفكري والسياسي.
عن محمد ضيف الله
فيما يلي كلمات أغنية لمجموعة أولاد الجنوب تتحدث فيها عن تجنيد الطلبة:
يَمَّة
يَمَّة دَمْعِكْ، نَبْع دَمَّي
يَمَّة صَرْخِكْ،صَرح هَمِّي
يَمَّة عِشْقِِكْ سَايِرْ..سَايِرْ
نَخْلة صَابْرَة عَلِّ صَايِرْ
وِلَّ صَايِرْ خَلَّ يكْبَرْ..
خَلَّ يكْبَرْ
بسّ دَمْعِكْ خََلَّ يُمْطرْ
خَلَّ يُمْطرْ مَطَرْ عَ الدَّارْ
وِلِّ دَارْ خَزْنَةْ دَارْ
العَسْكَرْ دَارَهْ مَنْفَى
تِعْمَرْ دَارْ وتِخْلَى دَارْ
وِلِّ صَايِِِِرْ يكْبَرْ
يَا صََبْرِ الحَرَايِرْ غَصْرَةْ
وِ تْفُوتْ في الرَّجالْ الحَسْرةْ
يا قَصِرْ المَحاينْ زَفْرَةْ
وِتْمُوتْ فِي الْبِحَارْ الطَفْرَةْ
يا بَحِْر الدُّمُوعْ مَا تِرْجَعْ
لِلْعِينْ إلّ فِيهَا دَمْعَةْ
وِالدَّمع إلِّ خَضِّرْ صَحْرَاءْ
مَا يْجِفْ فِي عُيُونْ الحُرَّةْ
ِوالحُرَّةْ إلِّ تِبْكِي حَمْزَةْ
مَا تُولِدْ يَزِيدْ مِنْ بَعْدَةْ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق