شتان بين ثقافة المحبة والتسامح وثقافة البغضاء والتكفير

لقد أثارت الكثير من أبحاثى ومحاضراتى وكتاباتى ومقابلاتى الناقدة لثقافة البغض والكراهية والتكفير والإرتداد والقتل والغلو والكذب والدجل والإستغفال والإستحمار الدينى، جدلا واسعا فى الساحات العربية والإسلامية والغربية حتى خرجت علينا صحف كثيرة تعرفنى كرجل الإعتدال والمحبة،كما أثارت مضاجع وعاظ السلاطين كالمرجعيات الفارسية الصفوية التكفيرية فى قم والنجف ولندن فضلا عن عملائهم ومرتزقتهم ومن تسلق باسمهم فى العراق ليسرق ملايين أموال الشعب العراقى المسحوق والمحروم. هذا ما ظهر أيضا فى الحوار غير الصريح وفى القناة غير المستقلة للهاشمى المنحاز فى خليته وفق أجندة شرحتها على الهواء مباشرة فى اليوم الرابع من رمضان مع الهاشمى نفسه المنحاز لأجندة جعلته ينزل إلى مستوى السباب والشتم والقذف والقضايا الشخصية والخارجة كليا عن الموضوع ورفضه منهجيتى الواضحة فى التقريب بين المذاهب الإسلامية وحل الإشكالات الفكرية والعملية ومن هنا إنسحبت على الهواء مباشرة اليوم الرابع من رمضان وكشف الهاشمى القناع عن وجهه وأجندته وأخلاقه فبدأ بالسباب والشتم وخرج عن كل الأعراف الأخلاقية والموضوعية والأدبية فى مبادئ الحوار الإنسانى فلو كان صريحا لماذا يحجب كل ذلك ويمسحه من الحوار وهذا ما طالبته منهم مرارا وتكرارا عدم حجب الحقائق وعدم الحذف والدبلجة لتغييرها وحرفها. ثم بدأ الإتصال مرارا بي للعودة منذ اليوم الثانى أى الخامس من رمضان حيث اتصلت بى القناة ثلاث مرات واتصل بى توفيق شيخى وطلب منى بإلحاح عودتى وهو رجاء الهاشمى كما عبر، لكننى رفضت فقال لى لماذا لاتجيب هواتفنا لك مرارا ولاترغب فى الحديث معنا واضطررت لإغلاق الهاتف بوجه توفيق لأنه كما قلت له أنت منحاز للهاشمى 80 بالمائة وراتبك منه وأن الهاشمى يقوم بعملية قذرة جدا بتحويل الحوار إلى أمور شخصية وسباب وشتم وهو خلاف المنهج الذى تقرؤونه على الناس وتدعون زورا اتباعه.
لقد قام مقص الرقيب بحذف نصف ساعة من اليوم الرابع كما حذف الكثير من كلامى يوميا ويمكن المقارنة فى كل حلقة بين مابث مباشرة وبين الإعادة فى التقطيع والحذف والدبلجة والتحوير والقص وهو يكذب على الملأ مرارا وتكرارا بأنه لايوجد مقص للرقيب، ولكنه اعترف أمامى فى اليوم الأخير بحذفه نصف ساعة من حوارى معه ودبلجها وكأننى لم أكن موجودا
فعلا الهاشمى دكتاتور المستقلة غير حيادى وغير موضوعى وغير أخلاقى وقد طرد شبابا طيبين عديدين عملوا فى القناة، وقد عرفناه منذ أن كان كاتبا فى مجلة (العالم) الإيرانية مدافعا عن إيران وولاية سفيهها ومؤتمراتها وأموالها، ثم جريدة الشرق الأوسط وهم لازالوا ينعتونها بعبد المال والدرهم يدرو مدارهما أينما تدور، ثم فى قناته والهاشمى يعقد الصفقات لمن يدفع أكثر حتى قال (لقد دفعوا لى كذا فإذا دفعت أكثر سوف أجعل البرنامج لك وسوف أحرق المتحدث وأظهره كذابا دجالا مدلسا). فضلا عن كذب الهاشمى الكثير وتدليسه بل ودبلجته فى الإعادة وهذا ما شرحته على الهواء مباشرة فى اتصالى الهاتفى لآخر ليلة فى خطأ منهجيته واختياره المتشددين وعدم وصوله إلى أى نتيجة وأجندته وحذف ودبلجة وتدليس الحوار وتحويره عندما ذكرت أيضا بوضوح توسل القناة إلى للرجوع من الإنسحاب ومنذ اليوم الخامس واتصالهم مرارا بى بل واتصال توفيق شيخى بى وطلبت أن ينادى توفيق ليشهد باتصاله بى اليوم الخامس والعجيب طلب منه الهاشمى عدم المجئ ليظهر كذب الهاشمى بل حذف طلبى من توفيق المجئ والشهادة من الموقع بدبلجة وحذف...
وعدم منهجية سليمة ولارؤية صائبة يحاول منعها من الحوار فبعد عشر سنوات يكون من الطبيعى لم يحصل أية نتيجة منذ عشر سنوات فأكثر ضيوفه من المتشددين والمتطرفين والتكفيريين كالتيجانى والربيعى والرفيعى والميالى والنجدى والموسوى وغيرهم من الجانب السنى، ثم تحركت خلايا السيستانى ثم خلايا خامنئى وجنودهما الشيطانية للتشويش ومنع الفكر أن ينطلق ومسرحيتى خليتين إلى ولى السفيه المستبد خامنئى، من قم خلية عبد الكريم الحيدرى الذى زور اسمه وأبيه ولقبه للحصول على الجنسية الإيرانية فإن أباه فخر الدين قد حرفه إلى عز الدين وغير ذلك مما خدع به أجهزة المخابرات الإيرانية وفعلا حصل على الجنسية الإيرانية كما حصل من يعمل فى مكتبى خامنئى والسيستانى وهكذا يضعف جهاز الإستخبارات الإيرانية فى تزوير واضح واختراق صارخ. ومن مشهد إنطلقت ضدى خلية عضو المخابرات الإيرانية فى فيلق القدس حيث اتفق معهم الهاشمى ضدى وتحويل البحث إلى شخصى كليا بل وسباب وشتم ضدى خارجا عن الأصول والآداب حتى مايعلنه من شروط لبرامجه خصوصا الحواراتية واشترك الهاشمى بشكل قذر ومعه جلال ومعهما منتظر والرفيعى والميالى وقد قلت للهاشمى لايحق له إدخال أشخاص من خلال خلايا فى مشهد وقم وفق صفقات سمعتها بأذني لتحويل الموضوع شخصيا خارجا عن الحوار وسباب وشتم مقابل صفقة يستلمها من مرتزقة خامنئى أو السيستانى. وقد شاهد الملايين ذلك على الهواء مباشرة فى ليالى رمضان المبارك، حتى نقدت قصة الخمس والدجل فيه شرعيا واستغلاله لأبناء المرجع وأصهرته حتى بعد موته بالمليارات حتى إذا مرض أحدهم جاء بطائرة خاصة وصرف الملايين مع حاشيته من أموال الحقوق الشرعية والأخماس وقارنتها مع الرسول(ص) وأمير المؤمنين(ع) والأئمة الأطهار (ع) فى زهدهم وورعهم وتقواهم وإخلاصهم فلم يكن الخمس فى المتاجر والمكاسب موجودا أصلا وما كتبت سابقا
ما يثير الإستغراب أن الكثير من المعممين ورجال الدين يتظاهرون أمام المتدينين بورعهم وزهدهم وبعدهم عن الدنيا وأحاديثهم عن زهد الأنبياء والأئمة ومعيشتهم البسيطة مع أفقر الفقراء لكنهم فى الوقت ذاته يسعون الى المال والترف والتبذير والتجار والدنيا بأعلى صورها.رغم عدم عملهم كما يعمل الأنبياء والأئمة
ينبغى أن يكون رجل الدين على درجة من التقوى والإيمان والزهد وتطليق الدنيا، ولنا فى الأنبياء والأئمة والأولياء أمثلة رائعة. منها الإمام على(ع) الزاهد الذى اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصين لايقدر على أكلها حتى قنبر،كما يشرح فى نهج البلاغة زهد الأنبياء:
(ولقد كان لكم في رسول الله الاسوة، إذ قبضت عنه أطرافها ووطئت لغيره أكنافها ، وفطم عن رضاعها ، وزوى عن زخارفها . وإن شئت ثنيت بموسى كليم الله حيث يقول : (رب إنى لما أنزلت إلى من خير فقير) ، والله ما سأله إلا خبزا يأكله ، لانه كان يأكل بقلة الارض ، ولقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه ، لهزاله وتشذب لحمه . وإن شئت ثلثت بداود صاحب المزامير ، وقارئ أهل الجنة فلقد كان يعمل سفائف الخوص بيده ، ويقول لجلسائه : أيكم يكفيني بيعها ! ويأكل قرص الشعير من ثمنها . وإن شئت قلت في عيسى بن مريم عليه السلام ، فلقد كان يتوسد الحجر ، ويلبس الخش ، ويأكل الجشب ، وكان إدامه الجوع ، وسراجه بالليل القمر وظلالة في الشتاء مشارق الارض ومغاربها ، وفاكهته وريحانه ما تنبت الارض للبهائم ، ولم تكن له زوجة تفتنه ، ولا ولد يحزنه ، ولا مال يلفته ، ولا طمع يذله ، دابته رجلاه ، وخادمه يداه)
فقد كان يعمل جميع الأنبياء من كد يمينهم وعرق جبينهم. كان آدم مزارعا، ونوح نجارا صنع السفينة، وإدريس خياطا، وإبراهيم بزازا تاجرا بالقماش، وداود حدادا، وزكريا نجارا، وإسحق ويعقوب وشعيب وموسى عليهم السلام مزارعين، ولقمان خياطا، والنبى محمد(ص) راعيا للغنم ثم تاجرا بأموال خديجة. كذلك كان الإمام على مزارعا، وأبو بكر وعثمان وطلحة بزازين، وعمر دلالا...
لم يكونوا يأخذون حقوق الناس بلا تعب وكد ليشتروا القصور والبيوت العظيمة والحياة المرفهة من أموال المحرومين وبيت المال. كيف تحرف الدين وانحرف الكثير من رجاله؟
وقد كان عدد من رجال الدين يتزلفون للتجار ويقفون على بيوتهم مرارا طمعا فى الحصول على أموالهم فمن أمثلة ذلك تزلف حسين بركة الشامى ومحمد بحر العلوم ومجيد الصيمرى (وآخرين بعضهم توفى لاداعى لذكرهم) للتاجر المعروف فى لندن حمدى نجيب.
ولم يعيش الرسول (ص) وأهل البيت (ع) على الأخماس بل كانوا يعملون بكد يمينهم وعرق جبينهم. وهكذا تكون دعوتى إلى ثقافة المحبة ونقدى لثقافة البغضاء والأحقاد والتكفير أفزعت خلايا الفساد من خلايا قم والنجف ولندن وغيرهما وأرغمت أنفها أن تخرج للناس مسرحية حسين من النجف ومن بيت السيستانى نفسه ليتحدث عن رسالة السيستانى الذى زاره أمس ليجيب نبيل الحيدرى فى موضوع
حوار القناة، لذلك بدأ مهاجما نبيل الحيدرى شخصيا وبالإسم والخروج عن الموضوع ثم كرر ما يعلنه السيستانى فى فكره وموقعه للأبحاث العقائدية الموجود فى قم من أن السنة مجرد مسلمين ليثبت بوضوح ملازمته أنهم ليسوا مؤمنين ومخلدون فى النار وربما يعذر البعض لمجرد جهلهم فقط وهو قمة استغفال فى غاية الحمق والغباء وما كتبت عنه (الإستحمار الدينى) وعبرت عنه فى القناة على الهواء مباشرة (تمخض الجبل فأولد فأرا) وثلاث خلايا للسيستانى فى قم والنجف وإثنان فى لندن 75 و 65 وبعد 19 يوما تحت الخط الأحمر ضد نبيل الحيدرى وكانت النتيجه هزيلة كصاحبها.
وتصلنى مئات الرسائل من مختلف أنحاء العالم بين مدح وإطراء وذم وهجاء. ومن حقهم الرد على فأما من مدحنى وهم مئات من التشيع العلوى العربى الأصيل أو إخواننا المؤمنون والمسلمون السنة الأعزاء، ولاحاجة لذكر مدائحهم، كما يصلنى سب وشتم ولعن وتهديدات وإغراءات أيضا من التشيع الصفوى الفارسى الحقود على الإسلام وأهله والعنصرى ضد العرب الحقيقيين وحقدهم على العرب وعلى الخليفة الفاروق لأنهم حطم طغيان كسرى وفتح بلاد فارس وأدخل الإسلام
لذلك يقيم المراجع الفرس كالسيستانى الزيارات إلى قبر أبى لؤلؤة المجوسى الذى قتل الخليفة الفاروق (رض) كما يقيمون فرحة فاطمة الزهراء يوم استشهاد الفاروق ويضعون حديثا من البحار (رفع القلم) فيفعلون كل المعاصى حتى ينزعون لباس رجالهم الصفويين ويتمثلون بعمر وعائشة وكل استهزاء بهما وهم يدعون ذلك يقضى حوائجهم ويدخل السرور على فاطمة الزهراء ثم يقرؤون اللعنات الرباعية فى لعن الخلفاء الثلاث الأول
هاهو المرجع الشيعى العربي من الكاظمية ببغداد محمد باقر
الصدر ينظر بإكبار الى الصحابة ، فهم بنظره أعظم جيل عرفته البشريّة حيث أنشأه رسول الله بنفسه وقد نظر بشكل مناسب للعلاقة بين الخلفاء الراشدين بشكل يغاير الإتجاه الصفوى التكفيرى كما هو واضح.
وفى العراق الحبيب حيث الأجواء المشحونة من السياسيين لسرقة العراق وحيث العواطف الطائفيّة و المشاعر المذهبيّة تعلو فوق صوت العقل والحكمة، و حيث أصوات المتطرّفين لدى بعض الأطراف و الإتجاهات تحجب كلّ موقف عاقل و معتدل، ما أحوج العراق إلى صوت كصوت آية الله محمد باقر الصدر، المرجع الشيعىّ و أحد روّاد الإصلاح فى عصره والذى لازال يعدّ رمزاً لعدد كبير من العراقيين فقد كان رمزاً للوحدة الوطنية و منفتحاً على جميع الناس و محبّاً للجميع دون تمييز على أساس عرقىّ أو أو دينى أو مذهبى .
فكتابات الصدر و مواقفه و نداءاته كانت تنمّ عن حرص شديد على الوحدة بين كلّ مكوّنات الشعب العراقىّ، من دون تفريق على أساس عرقى أو مذهبى. فالشهيد الصدر الأول، كما يعرف، الذى قاوم الظلم الذى تعرّض له الشعب العراقىّ حتى استشهد على يد النظام الصدامى فى 8 نيسان عام 1979، كان لا يفرّق بين سنّى و شيعىّ، كما كان يذكر الخلفاء الراشدين بإجلال واحترام، ويعتبرأنّ حكمهم قام على أساس الإسلام والعدل، مستذكراً كيف أنّ الإمام علياً بن أبى طالب كان يرفع السيف دفاعاً عنهم، كما اشترك فى حرب الردّة تحت لواء الخليفة الأول أبى بكر.
فالشهيد الصدر فى ندائه الثالث فى شعبان 1399هجرية (1979م) إلى الشعب العراقى يقول: (يا أبناء على والحسين وأبناء أبى بكر وعمر ، إنّ الحكم الذى مثّله الخلفاء الراشدون والذى كان يقوم على أساس الإسلام و العدل حمل علىٌّ السيف للدفاع عنه، إذ حارب جنديّاً فى حروب الردّة تحت لواء الخليفة الأول أبى بكر)، ثمّ يستطرد الصدر فى البيان نفسه شارحاً وقوف الشيعة الى جنب إخوانهم السنّة ضدّ الإستعمار البريطانى آنذاك، والجهاد معاً ضدّ الظلم و الجور من دون النظر إلى القيادة من حيث لونها المذهبى، واستعداد الصدرنفسه لتكرار ذلك من أجل الإسلام والمبادىء والقيم، حيث يقول (كلّنا نحارب عن راية الإسلام و تحت راية الإسلام مهما كان لونها المذهبىّ . وإنّ الحكم السنّى الذى كان يحمل راية الإسلام ، قد أفتى علماء الشيعة قبل نصف قرن بوجوب الجهاد من أجله وخرج الآلاف من الشيعة وبذلوا دمهم رخيصاً من أجل الحفاظ على راية الإسلام و من أجل حماية الحكم السنى الذى كان يقوم على أساس الإسلام).
والصدر بمواقفه هذه إنّما يسترشد بمواقف الإمام على بن أبى طالب ورؤيته للصحابة الأجلاّء
ويذكرالشهيد محمد باقر الصدر علاقة الخليفة الثانى عمر بن الخطاب مع الأمة فيقول: (حتى أنّ التاريخ سجّل لنا أنّ شخصاً أجاب عمر حين صعد المنبر قائلاً: (لو صرفناكم عمّا تعرفون إلى ما تنكرون، ما كنتم صانعين؟)، فقال الشخص (إذن كنّا نستتيبك، فإن تبت قبلناك)، فقال عمر: (الحمد لله الذى جعل فى هذه الأمة من إذا اعوججنا أقام أودنا). وغيره كثير
و إنى لأرى أنّ المسلمين جميعاً يتجهون إلى كعبة واحدة ونبى واحد هو محمد (ص) و يؤمنون جميعاً بالصلاة و الصيام والحج والجهاد والزكاة. وان أكرمهم عند الله أتقاهم. وأمّا الإختلافات الفقهيّة اليسيرة كالتكتف و الإسبال لا تفسد فى الودّ قضيّة فإنّ المذهب المالكى يسبل أيضاً وهكذا بحث أحد العلماء السابقين فيما ادّعى انفراد الإمامية بمسائل فقهية معينة ليجد موافقاً لها من أحد مذاهب المسلمين الأخرى ووجد الخلافات بين نفس المذاهب السنية المتعددة لاتقلّ عنها مع الإمامية.
لكنّ المؤسف أنّه راجت أفكار الصفويين الفرس فى النجف وقم تدّعى الإسلام وهى تكفّر الآخر المختلف مذهبيا حتّى ولو كان مسلماً. ونحن على رغم خطورة هذا الفكر الذى بدأ يغزو العراق قادماً من الخارج ليطرح ثقافة غريبة هى ثقافة التكفيرعلى أساس الفكر، وهذه الثقافة الخطيرة تحتاج إلى صوت عال كصوت الإمام على(ع) أعلاه. فالغلوّ والتطرّف و التكفير ليست من شيم الإسلام والمسلمين، و لنا فى القرآن الكريم و سيرة الرسول العظيم الأدلّة الدامغة على الحبّ والرحمة والسلام حتى كانت الأمّة الإسلاميّة خير أمّة أخرجت للناس، متراصّة كالبنيان المرصوص، رحماء بينهم أشدّاء على الكفّار، أمّا التباغض والتنازع والتكفير فهى ثقافة هدّامة ليحارب بعض المسلمين بعضهم الآخر ويكفّر بعضهم بعضاً فيخسر المسلمون ويستفيد أعداؤهم.
إن ثقافة الحب والإتحاد والسلام خير من ثقافة البغض و التفرقة والعداء، وعلينا الوعى لمبادىء الرسالة الإسلامية الحنيفة وأهدافها النبيلة حيث قال تعالى (وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين) وقوله(وان هذه أمتكم أمّة واحدة و أنا ربّكم فاعبدون) وقوله (واعتصموا بحبل الله جميعاً و لا تفرّقوا، واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءاً فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا).
ومنها يتضح كثير من الردود على من من رد على كثيرا وحتى شتمنى وسبنى وهددنى وكفرنى وأقول لهم جميعا (أدعو الله تعالى أن يسامحكم ويعفو عنكم ويرزقنى وإياكم الهداية والصلاح) وكل يعطى مما عنده
لكنى رأيت فى رسالة الأخ العزيز السيد محمد حسن الموسوى الناطق الرسمى باسم المؤتمر الوطنى والمسؤول فى شبكة الإعلام العراقى مثالا يجمع بين أفكار الكثيرين ممن نقدنى وهو حقهم الطبيعى، وإنى إذ أتفهم من السيد الموسوى ومن زميله ورفيقه باسم العوادى (مستشار عمار الحكيم رئيس المجلس، علما أن عمار الحكيم قد درس عندى فى الحوزة درسا خاصا من دروس الحوزة بناءا على وساطات وتوصيات خاصة ويتشرف كتلميذ عندى، وقد كان عمار الحكيم يومها يخبرنى مفتخرا بجنسيته الإيرانية يوم كنت أستاذا فى عدد من الجامعات الإيرانية كما كنت أستاذا معروفا فى الحوزة العلمية تخرج على يدي الكثير من المفكرين والكتاب والعلماء ورجال الدين فى مختلف أنحاء العالم). فعلا محمد حسن الموسوى وباسم العوادي درسا مقدمات الحوزة العلمية عند الشيرازيين وغيرهم وتأثروا بأفكار التكفير الرائجة فى إيران وبالتشيع الصفوى الفارسى المهيمن على الساحة وإذاعاتها وحوزاتها وحسينياتها ومبلغيها وأجهزتها الإعلامية الجبارة والضخمة التى تقمع أى رأى مخالف وتعتبره محاربا لله ولرسوله ولمهديهم المنتظر ونائبيه خمينى وخامنئى بل ووضع الكثير من المراجع فى إيران تحت الإقامة الجبرية كشريعتمدارى والقمى والشيرازى والروحانى والمراجع العرب كالخاقانى والكرمى وأتذكر أن شريعتمدارى الذى يقلده ثلث إيران واتهمه الخمينى بشتى التهم حتى رأيناه فى فضائيتهم الرسمية يعترف بمحاولة انقلاب على الخمينى بل حتى المؤيدين كمنتظرى وحاليا صانعى وأردبيلى والسياسيين كروبى والموسوى باتوا من أعداء ولاية الفقيه
وقد أثار بحثى ومقالى (الخلفاء الراشدون وثقافةالتسامح والمحبة والتعايش) جدلا كبيرا حتى أن بعض المواقع وجدت عليه أكثر من ثلاثمائة تعليق كما أثار قبله مثلا فى 2006 فى مدح الخلفاء والتعايش والمحبة بينهم والذى نشرته مؤسسات شيعية فى لندن بعد جملة محاضرات عشر فى مراكز ومؤسسات وجامعات عن ذلك.
لم أكتف بأقوال الإمام علي (ع) بل ذكرت أقوال غيره وسيرته وسيرة غيره مثلا ذكرت فى مقالى نفسه قول الخليفة الثانى مرارا وتكرارا (لولا على لهلك عمر) (لا أبقانى الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن).وغيرهما كثير
أما ماذكرته من أقوال الإمام على (ع) فلا تتحدث عن جانبه فحسب بل تصف الحالة مع الصحابة والخلفاء والأجواء الموضوعية والظروف المحيطة آنذاك
الخلفاء الراشدون أمثلة رائعة لأنهم عاشوا ثقافة المحبة والتعاون والتعايش والتشاور من أجل البناء الهادف والمصلحة الإسلامية العليا متجاوزين المصالح الشخصية والإعتبارية وغيرها حتى فى اختلاف اجتهاداتهم حيث كانت مصدر قوة وعطاء ولم تتحول إلى خلاف وأحقاد وبغضاء لأنها عندئذ تسحق الجميع بل المبادئ والقيم والمقاصد كلها رغم ادعاء البعض القليل خلاف ذلك ونعرف أسبابه ودوافعه فهى كقول الشاعر شنشنة أعرفها من أخزم التى صارت مثلا تضرب لمثل هذه المواقع.
تحدث الإمام علي بن أبي طالب(ع) عن الصحابة الأجلاء فى خطب عديدة من أهمها قوله (لقد رأيت أصحاب محمد (ص) فلم أر أحدا يشبهه منكم، لقد كانوا يصبحون شعثا غبرا، وقد باتوا سجدا وقياما، يراوحون بين جباههم وخدودهم، ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم، كأن بين أعينهم ركب المعزى من طول سجودهم. إذا ذكر الله هملت عيونهم حتى تبل جيوبهم، ومادوا كما يميد الشجر يوم الؤيح العاصف، خوفا من العقاب ورجاءا فى الثواب) نهج البلاغة/ الصفحة 255. كما تحدث الإمام بصراحة ووضوح عن الخلافة الشرعية للخلفاء الثلاث السابقين له معتبرا الملاك الشرعى من خلال الشورى القرآنية وفيها رضا الله تعالى بل لايجوز ردها، فإن رافضها يرد إليها، فإن أصرَّ فيجب قتاله حتى يرجع إلى بيعة الخلفاء الشرعية قائلا: (إنه بايعنى القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد. وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار، فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماماً كان ذلك لله رضا، فإن خرج عن أمرهم خارج بأمر أو بدعة، ردُّوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى) نهج البلاغة/ الصفحة145
لقد استشار الخليفة الفاروق (رض) الإمام عليا (ع) فى الشخوص لقتال الفرس بنفسه فأجابه الإمام (والعرب اليوم وإن كانوا قليلا فهم كثيرون بالإسلام عزيزون بالإجتماع فكن قطبا واستدر الرحى بالعرب ... إن الأعاجم إن ينظروا إليك غدا يقولوا غدا هذا أصل العرب فإذا اقتطعتموه استرحتم فيكون ذلك أشد لكلبهم عليك وطمعهم فيك) كما يجيبه عند مشورته لغزو الروم (إنك متى تسر إلى هذا العدو بنفسك فتلقهم فتنكب، لاتكن للمسلمين كانفة،
بعد شهادة الخليفة الثانى على يد المجوسى الإيرانى أبى لؤلؤة، وقف الإمام علي على قبر الخليفة حزينا راثيا بأعظم رثاء خالد ذاكرا مناقبه وعظمته قائلا (فقد قوم الأود وداوى العمد وخلف الفتنة وأقام السنة وذهب نقى الثوب قليل العيب أصاب خيرها وسبق شرها أدى إلى الله طاعته واتقاه بحقه. رحل وتركهم فى طرق متشعبة لايهتدى فيها الضال ولايستيقن المهتدى) نهج البلاغة/ الصفحة 249 وهذا بعد شهادة الخليفة الثانى، فلا يعقل ما أورده البعض من كونه تقية فأى تقية أمام شخصية رحلت عن الدنيا إلى ربها مطمئنة راضية مرضية.
واتضح مما ذكرته أختلافى كليا مع ما ادعاه السيد محمد حسن الموسوى عن شياع العنف والقسوة للخلفاء خصوصا الفاروق فى مرويات قد حققتها وذكرت ضعفها فى السند والدلالة بل وهى مرويات فى الكتب الصفوية الفارسية، ويخالف ما ذكرته أعلاه من أقوال صريحة لأمير المؤمنين (ع)
وقد خالفها جملة كبيرة من الفقهاء الشيعة العرب من التشيع العربى العلوى كالشهيد محمد باقر الصدر وراجع أقواله أعلاه فى مدح الخلفاء كأعظم جيل للبشرية كلها لأنه تحت تربية الرسول (ص) نفسه وغيره كثير من الفقهاء الشيعة العرب
وقد كتبت عنه كثيرا فراجع
وأما قول الموسوى بضرس قاطع فى النقطة الرابعة (لا أحد) فهو غيرصحيح ويجانب الحق وعليه مراجعة آراء الفقهاء العرب مثل محمد حسين فضل الله وأستاذه السيد محمد باقر الصدر وكذلك محمد مهدى شمس الدين ومحسن الأمين ومحمد جواد مغنية وغيرهم
أما علاقة المصاهرة فهى دليل قوى لكثرتها واستحكامها بل استدلال على بذلك كقوله الواضح والصريح استدلالا بها فى نهج البلاغةكقوله لعثمان بن عفان (رض) قائلا له (إن الناس ورائى وقد استفسرونى بينك وبينهم ووالله ما أدرى ما أقول لك ما أعرف شيئا تجهله ولا أدلك على أمر لاتعرفه إنك لتعلم ما نعلم ما سبقناك إلى شئ فنخبرك عنه ولا خلونا بشئ فنبلغكه. وقد رأيت كما رأينا وسمعت كما سمعنا وصحبت رسول الله (ص) كما صحبنا، وما ابن أبى قحافة ولا ابن الخطاب بأولى بعمل الحق منك وأنت أقرب إلى رسول الله (ص) وشيجة رحم منهما وقد نلت من صهره ما لم ينالا) نهج البلاغة-الخطبة 164
وأدلة كثيرة جدا جدا وليس كل ما موجود فى التاريخ هو صحيح وفيه ما فيه ويحتاج إلى دراسات وتعمق وتدقيق وتحقيق، والتحقيق لأهل التحقيق
إن هنالك ثقافتان ومرجعيتان وتشيعان. هنالك مرجعيتان شيعية عربية رشيدة وصالحة كالشهيد محمد باقر الصدر صاحب أطروحة (المرجعية الرشيدة والصالحة) ومرجعيات فارسية صفوية تؤمن بالغلو والتكفير والبدع والطقوس لتخدير الأمة وسرقة الأخماس لأرحامها حتى بعد وفاتها يتمتعون بحقوق الناس لبيوتهم وزوجاتهم وعرائسهم وتبذيرهم وإسرافهم ولياليهم الحمراء بينما كان الصدر زاهدا ورعا لم يخلف شيئا لأرحامه. وهنالك تشيع علوى عربى أصيل يقتدى بالإمام على (ع) فى ورعه وزهده وتقواه ومحبته وعدم حقده عكس التشيع الصفوى الفارسى الدخيل والذى بدأ أيام الأئمة بالغلاة ثم الدولة البويهية ثم الدولة الصفوية ووعاظ السلاطين الفاسدين كالفقيه المجلس وبحاره الذى يحوى الغلو وتكفير الخلفاء والمسلمين وغيره
ثقافة المحبة والتعايش والسلام تزرع الحياة والوحدة والتعاون من أجل البناء الهادف وهى ثقافة تحتاجها الأمم والأفراد بديلة عن ثقافة البغض والكراهية والأحقاد فهى تهدم البناء كله ومن أساسه كما تزرع الألغام والأحقاد وحتى الدماء نتيجة هذه الثقافة والكراهية. وربما يسعى البعض وهو ينبش فى التاريخ لعله يجد هنا أو هناك من انتقاء وقائع معينة لها ظروفها لتأسيس ثقافة الكراهية وتعميقها ونتائجها المأساوية.
وقف الإمام علي (ع) مدافعا عن الخليفة الثالث مانعا الناس من الهجوم عليه وأوقف على داره ولديه الحسنين سبطى الرسول وسيدي شباب أهل الجنة دفاعا عنه فى سياسة واضحة للسلام والمحبة والتعايش والبناء وهو ما يحتاجه المسلمون وعراق اليوم من محنته الطائفية والعصبية المذهبية الغريبة عن ثقافة العراق وتاريخه الحافل بالتسامح والمحبة لمختلف الطوائف والفرق.

ليست هناك تعليقات: