لهذا السبب سنثور غدا على القضاء



طفت على السطح مجددا مسألة استقلالية القضاء التونسي بعد الثورة ،و خاصة خلال هذه الفترة.فبعد ما أثير من جدل حول جلب الرئيس السابق وزوجته إلى تونس لمحاسبتهما على الجرائم المرتكبة في حق كل التونسيين،و تباطؤ القضاء التونسي في تفعيل بطاقات الجلب رغم التحول مرتين و ضمن وفود هامة إلى مقر الانتربول في ليون للغرض،مما جعل القضايا تتصل بمسك و ترويج و استهلاك مخدرات و استيلاء على أموال عمومية من خلال صفقات مشبوهة تهم قطاعات حساسة،و عدم إنهاء التحقيقات و الأبحاث الأولية المتصلة بتهمة الخيانة العظمى الموجهة إلى الرئيس السابق،بعد ذلك كله تتالت "الانفلاتات"مؤخرا و تحديدا خلال الأسبوعين الأخيرين في مجال القضاء لتتم تبرئة أسماء متورطة في تهم تتصل بالقتل العمد و التشجيع عليه و أخرى فتحت في شأنها أبحاث لتورطها في قضايا فساد مالي أو إداري في عديد المجالات ،و لعل القطرة التي أفاضت الكأس هي السماح للسيدة سيدة العقربي بالسفر رغم تورطها في عديد القضايا المعروضة على أنظار القضاء حاليا و التي اعتبر السيد الأزهرالقروي الشابي وزير العدل هروبها"حالة شاذة تحفظ و لا يقاس عليها"و هو ما غذى الشكوك في صدق نوايا الوزارة و الحكومة بصفة عامة في تطهير سلك القضاء،رغم إبعاد عدد من القضاة المعروفين بتعاملهم الوثيق مع النظام السابق.

وزير العدل حاول عبثا من خلال الحديث الذي"حرص"على أن يخص به القناة التلفزية الوطنية الأولى،أن يبرئ السلك و ينزه القضاة ،كل القضاة،مستندا في ذلك إلى كل "الإجراءات "و "القرارات"التي اتخذتها الوزارة لتثبت أنها حريصة على استقلالية القضاء،و تؤكد تمسكها بهذا المبدأ و بكل المبادئ التي جاءت بها الثورة التونسية،و أنها "ما تزال تنتظر مدها بقائمة رموز الفساد"من طرف جمعية القضاة التونسيين و نقابة القضاة.

وزير العدل فاته أن يتحدث عن استقالة أحد ناطقيه الرسميين ،و هو قاض،بسبب عدم موافقته على السياسة المتبعة من قبل الوزارة في التعامل مع القضايا"الساخنة"التي تتطلب الحزم،الكثير من الحزم،في معالجتها،لأن كل تراخ أو إخلال فيها يمس هيبة القضاء و مصداقيته و استقلاليته.من جهة أخرى،و إذا كان فرار السيدة سيدة العقربي خطأ قضائيا لا يمكن إنكاره أو تجاهله،فلماذا لم تتحرك النيابة العمومية و تثبت حسن نيتها و تصدر في شأنها بطاقة جلب دولية تضعها على الركن الأحمر و هو أعلى درجات الخطورة و يعني القبض عليها مباشرة،و الوزارة تعلم أنها تقيم في فرنسا حاليا؟أم أن الخطأ المرتكب لا يمكن إصلاحه؟ألا يمكن أن يتكرر هذا التهاون مع أسماء أخرى مستقبلا ؟أما يزال التونسي يثق في القطاع و أهله؟؟

سيل الأسئلة لا ينتهي و الجدل الواسع لن يتوقف و حالة الاستياء لا سابق لها من مردودية قطاع القضاء بعد الثورة، و في هذه المرحلة الانتقالية كل هذا يتطلب تدخلا جراحيا كبيرا حدوده ليست إقالة الوزير الحالي فقط ،لأنها لا تكفي و لن تصلح في الأمر شيئا، بل أعمق من ذلك بكثير ،إذ يجب مع الإقالة اللازمة القيام بخطوات جريئة لتطهير القطاع كما ينبغي و النهوض بأوضاعه ،و بداية الإصلاح في "رفع الوصاية"عن القضاء ليقوم بعمله و خاصة لتتبع رموز النظام السابق الذين لم تصدر في شأنهم إلى اليوم أحكام عادلة تتماشى وحجم الأخطاء المرتكبة في حق الشعب التونسي،بعيدا عن منطق التشفي أو الاستهتار و بالتالي تطهير القطاع ليصبح سلطة ،مع توفير سبل الحماية للقضاة"النزهاء"عند مزاولتهم لمهنتهم ،دون ان ننسى حل المجلس الأعلى للقضاء و تعويضه بآخر و هو مطلب أساسي من مطالب القضاة مباشرة بعد الثورة على أساس أن المجلس الحالي عينه الرئيس السابق و لم يكن منتخبا.




كثيرون يعلقون آمالا كبيرة على الخطاب المرتقب للسيد الباجي قايد السبسي الوزير الأول في الحكومة الانتقالية المقرر ليوم الأربعاء القادم لرأب ما أمكن من هذا الصدع في الحياة السياسية، و ينتظر كثيرون أيضا و قبل ذلك لوضع حد لحالة الغليان الحالية في الشارع التونسي ،أن يدخل الوزير الأول تحويرا وزاريا عميقا على تركيبة الحكومة الحالية لا تشمل إقالة وزير العدل فقط بل وجوها أخرى لم تنجح في أن تكون محل توافق، و لم تنجح في حماية أهداف الثورة، ويلمح البعض إلى أن القادم على رأس وزارة العدل سيكون من إحدى الولايات الداخلية، ليس لأنه"الأكثر"نزاهة و مصداقية من آخرين لكن لما لهذه الولايات الداخلية من رمزية في أذهان التونسيين.

التونسيون "بالمرصاد"لكل التحركات و الشارع التونسي على أهبة الاستعداد للتحرك مجددا لفرض تطبيق ما اتفق عليه ضمنيا منذ الثورة بينهم و بين الحكومة الانتقالية،و القضاء التونسي مطالب بأن يرقى إلى مستوى الانتظارات و يكون قضاء نزيها مستقلا و عادلا و جادا في محاسبة كل من أجرم في حق تونس ،حتى لا يكون "قضاء"مسلطا علينا لا نستطيع رده

التونسيون "بالمرصاد"لكل التحركات و الشارع التونسي على أهبة الاستعداد للتحرك مجددا لفرض تطبيق ما اتفق عليه ضمنيا منذ الثورة بينهم و بين الحكومة الانتقالية،و القضاء التونسي مطالب بأن يرقى إلى مستوى الانتظارات و يكون قضاء نزيها مستقلا و عادلا و جادا في محاسبة كل من أجرم في حق تونس ،حتى لا يكون "قضاء"مسلطا علينا لا نستطيع رده

ليست هناك تعليقات: